أنا التِي إختارَتْ أن لا تخْتَارَ


ها أنا مجددا أختنق بمشاعري و أضيع وسط براكين غضبي .. 
و ها أنا مجددا أستنجد بك _ ككل مرّة _ يضيق العالم بي .
لست مُكتئبة كما تظُن و كما يظن كل هؤلاء الذين ينظرون لي في إستغراب الحمير..
هذه المرة الأمر يختلف عن المرات السابقة ..
إنّني أشعر بالحياة و لكنها حياة من العبثيّة  ..
إنني أشعر بهدوء و ركود و ملل .
حياتي مستقرة كمستنقع راكد لا تسمع فيها سوى طنين الحشرات و نقيق الضفادع .
لدي رغبة في أن أُدمّر كل شيء لعلني أخلِق شيئا جديدا .
صرت أهوى الركض على حافة الهاوية و أتتبع رائحة الموت و الخطر و الأحزان و لا أسمع إلا أغان تفكرني في لون الزئبق و صوت الرعد ..
أرسُم من الألوان لوحات خيالية و أُسافرُ في أحلامي إللى أراضٍ وهمية , هنالك أبحث عن شيء يقتُلني فيُحييني أو عن إكسير يجلب لذهني بعضا من اليقين .. و في أحلامي أطيرُ و أحلق و أُحبُّ و لا أخاف أن أُحبَّ.  
ذبحتني أفكاري من الشريان إلى الوريد و نكّلت طموحي بجثتي .
أشعر بالعجزِ و القهر و النّدم.. 
فأنا التي إخترتُ هذه الحياة السّهلة لأنني لم أظنّني قادرة على تحمّل حياة من الصّعاب .
أنا التي إخترت هذا العمل و هذه الدّراسة و هذا المسكن و هذه المدينة التعيسة . 
 فأنا التي أعطيت ظهري لجلاّدي و سلَّمتُ جسدي لمن إغتالني ..
أنا التي فتحت سُترتها و عرّضت صدرها للرّصاص .
 أنا من إخترتُ حياة العبوديّة و أنا من دهستُ كل زهرة زُرعت في طريقي و قطفت باقات من الأشواك و أعواد الكبريتِ.
أنا التي إختارَت أن لا تخْتَار .
" الشّك طريق إلى اليقين " كما كنت تردد على مسمعي .. وها أنا الآن أُشكّك في كل خطوة خطوتُها و كل يوم عشته, فهل هذا يعني أنني في طريقي إلى اليقين ؟ .. و لكن أليس اليقين هو الحقيقة المطلقة التى لم يحوها أحد لليوم ؟ .. أيعني هذا أنني سأعيش بقية أيامي في شكّ ؟؟
أترى كم أنا مُضطربة و محتاجة لمن يسمع كل أفكاري التي يصفونها بالهذيان ..
أنا محتاجة لمن يحلم معي بالحرية و يُخطِّط للهروب بعد المغيب و يرسُم معي خرائط جديدة للقمر و النجوم.. 
في الواقع أنا محتاجة إليك أنت كي تخبرني مرّة أُخرى بأن الأوان لم يفت كي أكسر قيودي و ألحق بك و بأنك لا تزالُ تنتظرني في الضّفة الأخرى من حقول الأشواك .


Commentaires